Jumat, 09 November 2018

الناسخ والمنسوخ (مفهومه وأنواعه ومذاهبه والآثار الفلسفيته وحكمته)



‌أ.         مفهوم الناسخ والمنسوخ
1.تعريف الناسخ والمنسوخ
النسخ لغة : يطلق بمعانى متعددة .- بمعنى الإزالة. ومنه يقال : نشخت الشمس الظل. أي أزالته ، ونسخت الريح أثر المشى – ويطلق بمعنى نقل الشيء من موضع إلى موضع، ومنه نسخت الكتاب : إذا نقلت مافيه، وفى القرأن (إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) والمراد به نقل الأعمال إلى الصحف.[1]ويطلق بمعنى التبديل ومنه (وَإِذَا بَدَّلْنَا أَيَةَ مَكَانَ أَيَةٍ) النحل :101 . – ويطلق بمعنى التحويل كتناسخ المواريث، بمعنى تحويل ميراث من واحد إلى واحد .[2]
النسخ فى الاصطلاح : رفع الحكم الشرعي بخطاب شرعي. فخرج بالحكم رفع البراءة الأصلية. وخرج بقولنا : "بخطاب شرعي" رفع الحكم بموت أو إجماع أو قياس. والمنسوخ هو الحكم المرتفع.[3] وأما في الشرعى : فهو انتهاء الحكم وتبديله بحكم أخر.[4]
وعرف الأصوليون والفقهاء النسخ بقولهم: رفع الشارع حكما شرعيا بدليل شرعي متراخ عنه. أي رفع استمرار العمل بالحكم السابق، والعمل بالحكم الثابت آخر.[5]
قال الله تعالى فى القرأن الكريم "مَا نَنْسَخْ مِنْ أَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِي بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الله عَلَى كُلِّ شَيْئٍ قَدِيْر" سبب النزول هذه الاية روي أن اليهود قالوا لبعضهم البعض: ألا تعجبون من أمر محمد ؟ يأمر أصحابه بأمر، ثم ينهاهم عنه ويأمرهم بخلافة، ويقول اليوم قولا، ويرجع عنه غدا، فما هذا القرأن إلا من كلام محمد، يقوله من تلقاء نفسه، ويناقض بعضه بعضا؟ فنزلت الأية الكريمة ردا على سفههم وجهلهم، بقوله-تقدس أسمائه- ومعنى (ننسها): هو ماقاله ترجمان القرأن ابن عباس: أي نتركها فلانبدلها، ولاننسخها. وقيل: هو من النسيان بمعنى الترك، أي: نتركها بدون تبديل.[6]
2.أمثلة الناسخ والمنسوخ
وقد ذكر السيوطي فى الإتقان إحدى وعشرين اية اعتبرها من قبيل النسخ نذكر منها مايأتي ونعلق عليه :
أ‌)         قوله تعالى: (وَلِلّهِ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْه الله) منسوخة بقول (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ).[7] إن الأولى غير منسوخة لأنها فى صلاة التطوع فى السفر على الراحلة، وكذا فى حالة الخوف والاضطرار ، وحكمها باق، كما فى الصحيحين، والثانية فى الصلاوات الخمس، والصحيح أنها ناسخة لما ثبت فى السنة من استقبال بيت المقدس .
ب‌)   قوله تعالى: (كَتَبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدُكُمُ الْمَوْت إِنْ تَرك خَيْرُ الْوَصِيَّةِ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِيْنَ) قيل منسوخة بأية  المواريث ، وقيل بحديث (إِنَّ اللهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِى حَقٍّ حَقّهُ ، فَلَا وَصِيَّة لوارث).
ج‌)     قوله تعالى : (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيْقُونَهُ فِدْيَةٌ). نسخت بقوله (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْه) لما فى الصحيحين من حديث سليمة بن الأكوع أنه قال لما نزلت (وَعَلَى اللَّذِيْنَ يُطِيْقُوْنَهُ فِدْيَةٌ طَعَام مِسْكِيْنَ ) كما من أراد أن يفطر يفتدى، حتى نزلت الأية التى بعدها فنسختها.
د‌)       قوله تعالى: (يَسْأَلُوْنَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتاَلٌ فِيْه، قُلْ قِتَال فِيْهِ كَبِيْرٌ) نسخت بقوله (وَقَاتَلُوا الْمُشْرِكِيْنَ كَافّة كَمَا يُقَاتِلُوْنَكُمْ كَافَّة) وقيل : يحمل عموم الأمر بالقتال على غير الأشهر الحرم فلا نسخ.
فالحكم المرفوع يسمى : المنسوخ .
والدليل الرافع يسمى : الناسخ .
ويسمى الرفع : النسخ .
فعملية النسخ على هذا تقتضي منسوخاً وهو الحكم الذي كان مقرراً سابقاً، وتقتضي ناسخاً، وهو الدليل اللاحق أو الجديد.
3.شروط الناسخ والموسوخ
ومن البيان السابق نستنبط أن عملية الناسخ والمنسوخ يحتاج إلى بعض الشروط مايلي:
أ‌)         أن يكون الحكم المنسوخ شرعياً لابراءةً  أصليا
ب‌)   أن يكون الدليل على ارتفاع الحكم دليلاً شرعياً متراخياً عن الخطاب المنسوخ حكمه
ج‌)     ألاّ يكون الخطاب المرفوع حُكمُه مقيّداً بوقت معين.
ولمعرفة الناسخ والمنسوخ أهمية كبيرة عند أهل العلم من الفقهاء والأصوليين والمفسرين حتى لاتختلط الأحكام، ولذلك وردت آثار كثيرة فى الحث على معرفته. فقد روي أن عليا رضي الله عنه مر على قاضٍ فقال له: أَتعرفُ الناسخُ من المنسوخِ؟ قال: لَا، فقال: هَلَكْتَ وأَهْلَكْتَ، وعن ابن عباس أنه قال فى قوله تعالى: وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيْرًا (البقرة: 269).
ولمعرفة الناسخ والمنسوخ طرق:
1)      النقل الصريح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن صحابي كحديث: "كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُوْرِ أَلَّا فَزُوْرُهُ (رواه الحاكم).
2)      إجماع الأمة على أن هذا ناسخ وهذا منسوخ.
3)      معرفة المتقدم من المتأخر فى التاريخ.[8]
ولايعتمد فى النسخ على الاجتهاد، أو قول المفسرين، أو التعارض بين الأدلة ظاهرا، أو تأخر إسلام أحد الراويين.[9]
4.حكمة التشريع من الناسخ والمنسوخ
من المعلوم أن الأحكام ماشرعت إلا لمصلحة العباد، وهذه المصلحة تختلف باختلاف الزمان والمكان، فإذا شرع حكم فى وقت من الأوقات، وكانت الحاجة ملحة إليه، ثم زالت تلك الحاجة، فمن الحكمة نسخه وتبديله بحكم يوافق الوقت الأخر، فيكون هذا التبديل والتغيير محققا للمصلحة، مؤديا للغاية، نافعا للعباد، ومامثل ذلك إلا كمثل الطبيب، الذي يغير الأغذية والأدوية للمريض باختلاف الأمزجة والقابلية والاستعداد.[10]
ب‌.  أنواع الناسخ والمنسوخ
والنسخ فى القرأن ثلاثة أنواع :
1.      نسخ التلاوة والحكم معا، مثاله مارواه مسلم وغيره عن عائشة قالت كان فيما أنزل : عشر رضعات معلومات يحرمن فنسخن بخمس معلومات، فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهن مما يقرأ من القرأن. وقولها " وهن مما يقرأ من " ظاهره بقاء التلاوة، وليس كذلك. فإنه غير موجود فى المصحف العثمانى، وأجيب بأن المراد : قارب الوفاة.
والأظهر أن التلاوة نسخت ولم يبلغ ذلك كل الناس إلا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فتوفي وبعض الناس لم يقرؤوها . ثبوت النسخ يكفي فيه الدليل الظني بخبار الأحاد، أما ثبوت نزول القران فهو الذى يشترط  فيه الدليل  القطعي بالخبر المتواتر.
2.      نسخ الحكم وبقاء التلاوة، ومثاله نسخ حكم أية العدة، بالحول مع بقاء تلاوتها. وهذا النوع هو الذي ألفت  فيه الكتب  وذكر المؤلفين فيه الأيات المتعددة , والتحقيق أنها قليلة ، كما يبن ذلك القاضي أبو بكر بن العرب.
يَآأَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِن يَّكُن مِّنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَفْقَهُونَ (الأنفال :65 )
نسخت هذه الأية بالأية الأنفال: 66 
الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِن يَكُنْ مِّنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ
قال ابن عباس :
لَمَّا نَزَلَتْ (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ)، شَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حِينَ فُرِضَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَفِرَّ وَاحِدٌ مِنْ عَشَرَةٍ فَجَاءَ التَّخْفِيفُ فَقَالَ: (الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضُعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) قَالَ فَلَمَّا خَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنَ الْعِدَّةِ نَقَصَ مِنَ الصَّبْرِ بِقَدْرِ مَا خُفِّفَ عَنْهُمْ .
3.      نسخ التلاوة مع بقاء الحكم، وقد ذكرو أمثلة كثيرة منها أية رجم "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله، والله عزيز حكيم". ومنها ما روي فى الصحيحين عن أنس فى قصة أصحاب بئر معونة الذين قتلوا وقنت الرسول يدعوا على قاتليهم، قال أنس : ونزل فيهم قرأن قرأناه حتى رفع . "أن بلغوا عن قومنا أنا لقينا  ربنا فرضى عنا وأرضانا ". ثم تسخت تلاوته.[11]  
مثل: لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَطُولَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ حَتَّى يَقُولَ قَائِلٌ لَا نَجِدُ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ أَلَا وَإِنَّ الرَّجْمَ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى وَقَدْ أَحْصَنَ إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ أَوْ كَانَ الْحَبَلُ أَوِ الِاعْتِرَافُ قَالَ سُفْيَانُ كَذَا حَفِظْتُ أَلَا وَقَدْ رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ.
ج‌.    مذاهب الناسخ والمنسوخ
1.     ينقسم مذاهب الناسخ والمنسوخ مؤسسا على أقسامه إلى أقسام :
أ‌)         نسخ القران بالقران. وهذا القسم متفق على جوازه ووقعوه من القائلين بالنسخ. فأية الاعتداد بالحول مثلا نسخت بأية الاعتداد بأربعة أشهر وعشرا.
ب‌)    نسخ القران بالسنة، وتحت هذا نوعين :
القسم الأول : نسخ القرأن بالسنة الأحادية، والجمهور على عدم جوازه، لأن القرأن متواتر يفيد اليقين، والأحاد مظنون، ولا يصح رفع المعلوم بالمظنون.
القسم الثاني : نسخ القران بالسنة المتواترة، وقد أجازه مالك وأبو حنيفة وأحمد فى رواية، لأن الكل وحي. قال تعالى (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوْحَى). ومنعه الشافعى وأهل الظاهر وأحمد فى الرواية الأخرى. لقوله تعالى: (مَانَنْسَخْ مِنْ أَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِى بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا) والسنة ليست خير من القران ولا مثله.
ج) نسخ السنة باالقرأن، ويجيزه الجمهور، فتوجه إلى بيت المقدس كان ثابت بالسنة، وليس فى القران ما يدل عليه، وقد نسخ بالقران فى قوله تعالى: (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ)، ووجوب صوم يوم عاشوراء، كان ثابتا بالسنة ونسخ بقوله تعالى: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْه)
د‌)       نسخ السنة بالسنة، وتحت هذا أربعة أنواع :
1) نسخ متواترة بمتواترة                3) نسخ احاد باحد
2) نسخ احاد بمتواترة                  4) نسخ متواترة بأحد
والثلاثة الأولى جائزة، أما النوع الأخر ففيه الخلاف الوارد فى نسخ القرأن بالسنة الاحادية، والجمهور على عدم جوازه.[12]
مؤسسا على أقسام الناسيخ فهناك مذاهب، اتفق العلماء على أن القرأن ينسخ بالقرأن، وأن السنة النبوية تنسخ بالسنة، والخبر المتواتر ينسخ بمثله، ولكنهم اختلفوا فى مسألة، وهي هل ينسخ القرأن بالسنة؟ والمتواتر بغير المتواتر، فذهب الشافعي إلى أن الناسخ للقران، لابد أن يكون قرأنا مثله، فلايجوز عنده نسخ القرأن بالسنة النبوية، لأنها ليست فى درجة القرأن.
وذهب الجمهور إلى جواز نسخ القرأن بالقرأن، وبالسنة المطهرة أيضا لأن الكل حكم الله تعالى ومن عنده، والكل بوحي من الله (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إٍنَّ هُوَ إِلَّا وحي يُوحَى). وحجة الجمهور ما ورد من نسخ أية الواصية بحديث" (إن الله أعطى كل ذى حق حقه، ألا لاوصية لوارث)".
ونسخ جلد الزانى المحصن فى الأية الكريمة (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) حيث نسخ بالرجم، فقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ماعزا والغامدية، ولم يجلدو واحدا منهما، فدل على أن الحكم وهو الجلد نسخ باالسنة المطهرة. وهذا القول الأشهر والأظهر.[13]  
2.     الأراء فى النسخ
والناس فى النسخ على أربعة أقسام:
أ‌)         اليهود: وهؤلاء ينكرونه لأنه يستلزم فى زعمهم البداء، وهو الظهور بعد الخفاء، وهم يعنون بذلك: أن النسخ إما أن يكون لغير حكمة، وهذا عبث محال على الله تعالى، وإما أن يكون لحكمة ظهرت ولم تكن ظاهرة من قبل، وهذا يستلزم البداءَ وسب الجهل، وهو محال على الله تعالى.
ب‌)   الروافض : وهؤلاء غلوا في إثبات النسخ وتوسعوا فيه، وأجازوا البداء على الله تعالى، فهم مع اليهود عى طرفى نقيض، واستدلوا على ذلك بأقوال نسبوها إلى علي رضي الله عنه زورا وبهتانا، وبقوله تعالى: يَمْحُوا۟ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثْبِتُ ۖ وَعِندَهُۥٓ أُمُّ ٱلْكِتَٰبِ (الرعد: 39)، على معنى أنه يظهر له المحو والإباث.
واستدلابهم هذا فاسد، لأن كلًا من حكمة النساخ وحكمة امنسوخ معلوم الله تعالى من قبل، فلم يتجدد علمه بها، وهو سبحانه ينقل العباد من حكم إلى حكم لمصلحة معلومة له من قبل بمقتضى حكمته وتصرفه المطلق فى ملكه.
ج‌)    أبو مسلم الأصفهاني "معتزلي" وهو يجوز  النسخ عقلا ويمنع وقوعه شرعا، وقيل يمنعه فى القرآن خاصة محتاجا بقوله تعالى:  لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (فصلت: 42).
على معنى أن أحكامه لاتبطل أبدا، ويحمل آيات النسخ على التخصيص.
د‌)       وجمهور العلماء : على جواز النسخ عقلا ووقوعه شرعا لأدلة:
1)     لأن أفعال الله لاتعلل بالأغراض، فله أن يأمر بالشيئ في وقت وينسخه بالنهي عنه في وقت، وهو أعلم بمصالح العباد.
2)     ولأن نصوص الكتاب والسنة دالة على جواز النسخ ووقوعه:
(أ‌)          قال تعالى: وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ ۙ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (النحل : 101).
وقال تعالى : مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ۗ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (البقرة: 106).
(ب‌)    وفى الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال عمر رضي الله عنه: أقرؤنا شيئًا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم،[14] وقد قال الله تعالى عز وجل: مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا.
   د.  الآثار الفلسفي للناسخ والمنسوخ
الأول، من السلبي إذا كان معنى النسخ هو الإزالة فهو يأثر في أن أزلية القرآن تزول كذلك من مكانها في لوح المحفوظ. فلابد لنا أن نفهم النسخ بأنه نقل من مكان إلى مكان آخر، بمعنى أن آيات القرأن كلها لم تكن متناضة بعضها ببعض.
الثاني،  إن النسخ في القرآن يبين على أن الله قد وهب للناس نعما وأزال العسر في أمورهم، وإذا نسخ الله شيئا إلى ما هو أصعب منه فازداد فيه الأجر، وإذا نسخه الله إلى ما هو أسهل ففيه الرخصة واليسر.
الثالث، إن النسخ في القرآن بشكل عام يبين لوصف القرآن بأنه الكتاب والمرجع الأول للشريعة الإسلامية، وهو الكتاب الكامل الناسخ للشرائع التي جاءت قبل الإسلام، فالشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان وحال، فالنسخ له دور هام لمراعاة مصالح الأمة الإسلامية.
الرابع، وجود النسخ في القرآن يدل على الحكم المنسوخ له أهية خاصة لحكمة أو مصلحة ما حتى يحتاج إليه في وقت معين، وكذلك الناسخ، وجوده لحكمة ومصلحة أخرى.
ه. حكمة النسخ
1.      مراعاة مصالح العباد.
2.      تطور التشريع إلى مرتبة الكمال حسب تطور الدعوة وتطور حال الناس.
3.      ابتلاء المكلف واختباره بالامتثال وعدمه.
4.      إرادة الخير للأمة والتيسير عليها، لأن النسخ إن كان إلى أشق ففيه زيادة الثواب، وإن كان إلى أخف ففيه ويسر.[15]









الفصل الثالث
إختتام
أ‌.         خلاصة
1.   مفهوم الناسخ والمنسوخ النسخ لغة : يطلق بمعانى متعددة بمعنى الإزالة، نقْل، التبديل، والتحويل. فى الاصطلاح : رفع الحكمِ الشرعي بخطاب شرعي.
2.   أنواع الناسخ والمنسوخ: نسخ التلاوة والحكم معا، نسخ الحكم وبقاء التلاوة، نسخ التلاوة مع بقاء الحكم.
3.   مذاهب الناسخ والمنسوخ: اليهود، الروافض، أبو مسلم الأصفهاني، وجمهور العلماء.
4.   والآثار الفلسفيته: مراعاة مصالح العباد، تطور التشريع إلى مرتبة الكمال حسب تطور الدعوة وتطور حال الناس، ابتلاء المكلف واختباره بالامتثال وعدمه، إرادة الخير للأمة والتيسير عليها، لأن النسخ إن كان إلى أشق ففيه زيادة الثواب، وإن كان إلى أخف ففيه ويسر.
5.   حكمة النسخ: مراعاة مصالح العباد، تطور التشريع إلى مرتبة الكمال حسب تطور الدعوة وتطور حال الناس، ابتلاء المكلف واختباره بالامتثال وعدمه، وإرادة الخير للأمة والتيسير عليها.





المراجع
ابن أبي بكر، ععبد الرحمن جلال الدين السيوطي. . 2008.  الإتقان فى علوم القرآن.
البنداري، عبد الغفار سليمان. .198. الناسخ والمنسوخ فى القرآن الكريم. بيروت. دار الكتب العلمية.
ديب البغاء، مصطفى. 1998 م. الواضح في علوم القرآن. دمسق. دار العلوم الإسلامية.
الصابوني، الشيخ محمد علي. 2011 . التبيان في علوم القرآن. بمكة. مكتبة البشرى للطباعة والنشر والتوزسيع.
القطان، مناع. مباحث فى علوم القرآن. القاهرة. الناشر مكتبة وهبة، د.س.
Al-Qaththan, Manna. 2016.  Pengantar Studi Ilmu Al-Qur’an “Cetakan ke-14”. Jakarta Timur: Pustaka Al-Kautsar.




[1] مناع القطان، مباحث فى علوم القرآن، (القاهرة: الناشر مكتبة وهبة، د.س)، ص. 223-224
[2] الإتقان فى علوم القرأن ، ص. 462
[3] مناع القطان ، مباحث فى علوم القرآن ....، ص. 224
[4] للشيخ محمد علي الصابون، التبيان في علوم القرآن، ( بمكة: مكتبة البشرى للطباعة والنشر والتوزسيع، 2011)، ص. 68
[5] مصطفى ديب البغاء، الواضح في علوم القرآن، (دمسق: دار العلوم الإسلامية، 1998 م)، ص. 140
[6]  التبيان البشرى ، ص. 68
[7] عبد الغفار سليمان البنداري، الناسخ والمنسوخ فى القرآن الكريم، (بيروت: دار الكتب العلمية، 1986)، ص. 21
[8] Manna Al-Qaththan, Pengantar Studi Ilmu Al-Qur’an “Cetakan ke-14”, (Jakarta Timur: Pustaka Al-Kautsar, 2016), hlm. 288
[9] مناع القطان، مباحث فى علوم القرآن،...... ص. 225-226
[10] التبيان البشرى ، ص. 66
[11] مناع القطان، مباحث فى علوم القرآن،......، ص. 230-232
[12] مناع القطان، مباحث فى علوم القرآن،......  ص. 228-229
[13] الشيخ محمد على الصابونى، التبيان فى علوم القرأن، (باكستان : مكتبة البشرى، 2011)، ص. 72      
[14] مناع القطان، مباحث فى علوم القرآن،......، ص. 226-227
[15]مناع القطان، مباحث فى علوم القرآن،......، ص. 232

Tidak ada komentar:

Posting Komentar

Pemaknaan Kebengkokan Wanita sebagaimana Tulang Rusuk

Terkadang kita selalu mendengar, ada istilah bahwa “wanita itu bengkok” seperti tulang rusuk. Tentu mungkin ada yang bertanya-tanya maksud...